لا يكاد يمر شهر تقريبا دون أن يصلني خبر عن تنظيم معرض خيري للكتب من قبل جماعات ومبادرات مختلفة ليست بالضرورة ثقافية أو مختصة بالقراءة !
جميل جدا أن تنتشر ثقافة القراءة وثقافة تبادل الكتب بل بالعكس هذا ما كنا نسعى إليه من خلال تنظيمنا المستمر للمعرض الخيري للكتب المستعملة والذي ابتدأناه قبل أربع سنوات !
لكن ما أرفضه أنا ( كمؤسسة للمعرض الخيري للكتب المستعملة) هو أن تصبح هذه المعارض الخيرية “موضة” كل فعالية ، ووسيلة لجمع مبالغ مالية تستخدم لاحقا لأغراض مختلفة تطوعية !! فنحن لم نهدف من الأساس إلى تجميع المبالغ المالية بل هدفنا الأساسي هو غرس ثقافة القراءة لدى المجتمع من خلال السماح لهم بنفض غبار مكتباتهم وإعطاء كتبهم عمرا أطول من خلال التبرع بها لنقوم بعد ذلك بعرضها للبيع بأسعار رمزية جدا! أما ما نحصل عليه من مبالغ فيأتي كهدف ثانوي نتبرع به لجمعيات خيرية فيما يخدم القراءة والثقافة ! ببساطة لأن هناك الكثير من الجهات الإنسانية المهتمة بتجميع المبالغ المالية لدعم الجمعيات الخيرية ماليا !
ما أراه الآن هو تداخل من حيث الأهداف التي تسعى لتحقيقها بعض المبادرات الشبابية هنا بالسلطنة، وخلط واضح في الرسالة الأساسية لتلك المباردات، كأن يقوم نادي رياضي بتنظيم معرضا خيريا للكتب أو أن تقوم جمعية نسائية بذلك! حسنا الأمر ليس حكرا على أحد وهو ليس حكرا على مجموعتي التي تقيم هذا المعرض سنويا أيضا !
لكن فكرة عدم الخصوصية وعدم التركيز فكرة مزعجة للغاية، ولطالما أزعجتني من أيام دراستي بالجامعة، فكنت أستهجن كثيرا عندما أرى إعلان لفعالية هندسة بحتة وقد استضافت شاعرا ما ! ما الهدف من استضافة ذلك الشاعر سوى لجذب حضور كبير للفعالية بغض النظر عن جودة ما تقدمه من أمور “هندسية” !!
ورغم وجود جماعة قديمة متخصصة بالأدب وهي الخليل للأدب الإ أن الجماعات الطلابية ما زالت تصر على فكرة استضافة شاعر في فعالياتها التي لا تمت للشعر بصلة !
كثيرا أيضا ما كنت أصادف فقرات لها علاقة بالتنمية البشرية قد حشرت فجأة ضمن فعاليات تجارية واقتصادية أو فعاليات علمية مثلا !!
هذا الأمر لا يقتصر على الجماعات الطلابية بل صادفته كثيرا في إعلانات بعض المبادرات الشبابية التي تتوزع في مختلف مناطق السلطنة !
ما أود إيصاله من ذكر الأمثلة السابقة هو أن الجودة في تقديم الفعاليات مهمة جدا! يجب أن يتوقف الشباب عن تنظيم الفعاليات لمجرد تنظيمها أو لمجرد أنها فعالية سنوية وبالتالي يجب إقامتها بأي شكل وبأي محتوى كان ! بهذا الأسلوب نخسر الكثير من الجهود والكثير من الموارد وإن كنّا نظن بأن الفعالية ناجحة، هذا النجاح قد يكون ظاهريا فقط وليس حقيقيا ! تبقى الجودة مفقودة ويبقى تركيز الطاقات مشتتا …
كم سيكون رائعا لو ركزت كل مبادرة على رسالتها الأساسية وعلى الهدف من وجودها أصلا دون الدخول في مجالات المبادرات الأخرى!
وكم سيكون راقيا جدا لو تم تقديم الفعاليات باحترافية كبيرة وبجهود واضحة !
برأيّ أن التعاون بين المبادرات والمجموعات أمرا جيدا أيضا، فإن كان من فقرات الفعالية التي تقيمها مبادرة ما أمرا يتعلق بالثقافة مثلا بإمكانها التعاون مع مبادرة مختصة بهذا الأمر حتى يكون الأمر مرتبا وواضحا .. في النهاية أنا أؤمن وبشدة أنه لا يمكنك أن تكون كل شيء لكل شيء !
دامت أيامكم مضيئة بالعطاء والتميز 🙂
أحدث التعليقات